قمّة الانبطاح أمام استباحة المحتلّ

البيضاء نت | مقالات

بقلم / عدنان ناصر الشامي

 

لم تعد القمم العربية، على كثرة انعقادها، تحمل أي أثر حقيقي يردع العدوّ الصهيوني أَو يوقف جرائمه المتصاعدة بحق فلسطين والأمة. فما نراه منذ عقود لا يتجاوز بيانات بلاغية وشعارات متكرّرة لا تُغيّر شيئًا من واقع يزداد خطورة، بينما العدوّ يتعامل مع الأُمَّــة بمنطق الاستباحة الكاملة.

اليوم يقف القادة العرب -والخليجيون منهم تحديدًا- أمام امتحان تاريخي: إما أن يحوّلوا قمة الدوحة إلى منصة فعلية لحماية السيادة وكرامة الأُمَّــة، أَو يكتفوا بدور المتفرج العاجز. إن التغاضي عن التصعيدات الصهيونية ليس حيادًا، بل تواطؤ، وهو ما سيدفع العدوّ إلى مزيد من الغطرسة والتمادي.

فالعدوّ الصهيوني لا يرى في العرب سوى ساحة مستباحة، يحلم أن يقيم على أنقاضها “كيان يهودي”. وما فلسطين اليوم إلا بداية مشروعه، أما الغد فهو لعواصم عربية أُخرى. ومن يظن أنه في مأمن أَو بعيد عن خطره فهو واهم؛ لأَنَّ هذا العدوّ لا يحترم أي نظام ولا يقدّر أي تمويل أَو دعم، بل يستبيح كُـلّ أرض يجد إليها منفذًا.

ولعل العدوان الأخير على قطر مثال صارخ على هشاشة الموقف العربي وغياب الحماية الحقيقية للسيادة الوطنية. ذلك العدوان يبعث برسالة واضحة: لا توجد أي دولة عربية بمنأى عن الاستهداف. السيادة لا تُحترم إلا إذَا تجسّد التضامن العملي والوحدة الفعلية بين العرب، أما في ظل حالة التخاذل الراهنة، فَـإنَّ الجميع مكشوف أمام العدوان.

وهنا يبرز السؤال الكبير: ما جدوى القمة العربية في الدوحة؟ هل عقدت لتدارس الأخطار ووضع الحلول وتراص الصفوف وتحويل الكلمات إلى أفعال، أم أنها مُجَـرّد منصات لتبادل الخطب وتغطية فشل السياسات؟ الواقع يؤكّـد أن العدوّ لا يفرّق بين دولة وأُخرى؛ كلّها أهداف في حساباته، والتأخير في اتِّخاذ مواقف صارمة هو بمثابة دعوة مفتوحة له لتوسيع معادلة الاستباحة.

الحد الأدنى من الخطوات المطلوبة

قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع العدوّ الصهيوني بشكل حاسم، وإرسال رسالة واضحة: العدوان لن يمر بلا حساب.

إغلاق الأجواء والموانئ أمام أي نشاط يخدم الاحتلال، ومنع مرور السلع والأسلحة التي تدعمه.

دعم المقاومة الفلسطينية رسميًّا، أَو على الأقل تركها تعمل دون عراقيل لتواجه العدوّ بالوسائل المشروعة المتاحة لها.

وقف أي التزام بتزويد الاحتلال أَو الالتفاف على حصار اليمن، الذي يمثل خط الدفاع الأول ضد التوسع الصهيوني.

هذه أبسط الخطوات التي تحفظ كرامة الأُمَّــة وتثبت جديتها.

أما إذَا لم يتجرأ القادة على اتِّخاذ هذه الخطوات، فتبقى أدَاة حقيقية متاحة: دعم المجاهدين الفلسطينيين واليمن في مقاومتهم، أَو على الأقل ترك اليمن ومحور المقاومة وشأنهم، والامتناع عن التعاون مع العدوّ الصهيوني في تنفيذ خططه العدوانية ضدهم، وألا يكونوا عائقًا أمام تحَرّكات المجاهدين، وألا يكنوا سهام غدر توجّـه في ظهرهم من الخلف.

نطالب القادة بأن يلبوا هذا الطلب، وأن يخرجوا من قمة الدوحة بهذا الموقف الواضح، إذَا لم يستطيعوا تقديم موقف حاسم ومشرف، فعليهم على الأقل ترك اليمن ومحور المقاومة يعملون بحرية، ومشاهدة الأمور بصمت، دون خيانة أَو طعن في الظهر.

فهم الكفيل بحماية الأُمَّــة، والقادر على إزالة الغدة السرطانية التي تهدّد أمن أمتنا الإسلامية.