ثورة 21 سبتمبر .. النهوض التعليمي والتصدي للمخططات الصهيوأمريكية

البيضاء نت | تقرير طارق الحمامي

 

يُعد التعليم من أبرز ميادين الصراع بين قوى الهيمنة والاستعمار من جهة، وبين الشعوب المستقلة والرافضة للوصاية الأجنبية من جهة أخرى. وفي اليمن، تبلور هذا الصراع بوضوح في السنوات الأخيرة، حيث شكّل قطاع التعليم هدفًا مباشرًا ضمن المشروع الصهيوأمريكي الرامي إلى تفريغ الأمة من وعيها وهويتها، عبر محاولات لطمس المفاهيم الإيمانية والقرآنية، لا سيما ما يتعلق بالجهاد والاستقلال والكرامة

 

وبعد ثورة 21 سبتمبر المجيدة، التي أعادت الاعتبار للقرار اليمني والسيادة الوطنية، برزت توجهات جديدة ومسارات إصلاحية واضحة في المجال التربوي، انسجامًا مع التوجيهات القرآنية، ووفق موجهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، الذي أكد مرارًا على خطورة استهداف العدو للتعليم، وعلى ضرورة التصدي للمساعي التخريبية التي تقودها أمريكا وإسرائيل وأدواتهما الإقليمية.

 

التعليم في اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر  .. واقع هش وتسلل ناعم

قبل ثورة 21 سبتمبر، كان الواقع التعليمي يعاني من جملة من المشكلات البنيوية، أهمها ضعف في البنية التحتية والمستلزمات التعليمية، فقد كانت العديد من المدارس مدمرة، ووجود نقص شديد في الكتاب المدرسي، وكذلك غياب بيئة تعليمية مناسبة، النزوح والفقر والأزمة الاقتصادية تسببت في توقف مئات الآلاف من الطلاب عن مواصلة تعليمهم.

كذلك المناهج كانت تعاني من اختراقات واضحة، عبر مشاريع تمويلية مشبوهة، وتغييب متعمد لمفاهيم الجهاد، العزة، والسيادة، في مقابل ترسيخ مفاهيم الهزيمة والانبطاح، وتمييع القضايا المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

تغلغل مشاريع دولية ذات أجندات مريبة خاضعة لإشراف أجهزة استخباراتية تم الكشف عن تفاصيلها كاملة عبر وسائل الإعلام باعترافات موثقة للعملاء الذين كلفتهم الاستخبارات الصهيوأمريكية بإدارتها، والتي عملت على إفراغ المناهج من أي محتوى تحرري أو تعبوي.

 

النهوض التعليمي بعد ثورة 21 سبتمبر .. استعادة للهوية

بعد قيام ثورة 21 سبتمبر المباركة، ونتيجة للوعي الذي ترسّخ بقيادة السيد القائد، بدأت عملية إصلاح وتحرير شاملة للعملية التعليمية، تمثلت في تحصين المناهج من الغزو الفكري  ومراجعة شاملة للمحتوى التعليمي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وإعادة الاعتبار للهوية الإيمانية والجهادية في المناهج، كما تم العمل على إدخال قيم قرآنية في التربية والتعليم، وتنمية روح المسؤولية لدى الطالب اليمني، وفك الارتباط مع المؤسسات والجهات الدولية المشبوهة، وبناء رؤية تعليمية مستقلة تعكس ثوابت الشعب اليمني ومبادئ ثورته، ورغم الحصار والعدوان، تم الحفاظ على استمرار العملية التعليمية، بفضل تضحيات الكادر التربوي وصمود المؤسسات التعليمية.

 

المخطط الصهيوأمريكي لاستهداف التعليم

في أكثر من خطاب حذر السيد القائد يحفظه الله من مساعي العدو لضرب وعي الأمة من خلال التعليم، وفصل الأجيال عن القرآن والجهاد، ليُنتج أجيالًا خانعة، تتقبّل الاستعمار وتعيش التبعية، وتتجلى أوجه هذا المخطط في حذف الآيات القرآنية المتعلقة بالجهاد والعداء لليهود والنصارى، وعبر ما يُسمى “تطوير المناهج”، سعت الخلايا العميلة للعدو لإزالة كل ما يُشعل روح المقاومة أو يربط الطالب بهويته الإسلامية، واستبدال التاريخ الإسلامي التحرري برموز التغريب والانبطاح من خلال التركيز على شخصيات غربية، وإظهار الجهاد كـ “تطرف”، والعزة كـ “إرهاب”.

ومن أكثر ما نشطت في نشره الخلايا العميلة في إطار المخطط الصهيوأمريكي هو ترويج ثقافة السلام المزيف والتعايش مع العدو
وتلميع صور أمريكا وإسرائيل، وتقديمهم كـ “شركاء دوليين في التعليم”، في حين أنهم يقودون حرب إبادة ضد الشعب اليمني والفلسطيني، ولم تتردد هذه الخلايات في إدخال المحتوى التربوي المنحرف الذي يهدف إلى إفساد الهوية وتمييع سلوك الطلاب.
ومن ذلك أيضاً الدفع بمفاهيم علمانية، وترويج قيم غريبة على مجتمعنا (الحرية الفردية بمعناها الغربي، إلغاء مفهوم الأمة، الحياد تجاه القضية الفلسطينية…).

 

المراكز الصيفية  رافد  في بناء الوعي وتحصين الهوية

تشكل المراكز الصيفية أحد أبرز الإنجازات التربوية والتأهيلية بعد ثورة 21 سبتمبر، وقد أصبحت تمثل جبهة متقدمة في مواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو الصهيوأمريكي لاستهداف عقول الناشئة وإبعادهم عن هويتهم الإيمانية، حيث يتلقى الطلاب في المراكز الصيفية دروسًا مكثفة في الثقافة القرآنية، تُعيد ربطهم بالله، وتغرس فيهم معاني الإيمان، والولاء، والبراءة، ويتعرف النشء على مفاهيم الجهاد في سبيل الله، والعداء لأعداء الأمة، وضرورة التحرر من الهيمنة الأجنبية، كما حققت المراكز الصيفية تصحيح المفاهيم المغلوطة التي بثّها الإعلام والمناهج السابقة، فكثير من الطلاب كانوا ضحية لمنظومة تعليمية خضعت لعقود من التغريب، فجاءت المراكز الصيفية لتُعيد تصويب البوصلة وتفكيك تلك المفاهيم الخطيرة، نتج عنها إعداد جيل متسلح بالثقافة، والأخلاق، والانضباط، وتُركّز المراكز الصيفية على تأهيل الطلاب تأهيلاً روحيًا وسلوكيًا، بعيدًا عن العبث والانفلات الأخلاقي الذي يروّج له الإعلام المعادي.

وقد اعترف العدو بفشل محاولاته في إفساد النشء، بعدما رأى حجم الإقبال على المراكز الصيفية، وحجم التغيير في وعي الطلاب وسلوكهم بعد مشاركتهم فيها.

 

موجهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في ملف التعليم

في خطاباته التثقيفية والتعبوية، ركّز السيد القائد  يحفظه الله على ربط التعليم بالقرآن والواقع الجهادي، والتأكيد على أنه لا بد أن يُنتج التعليم مجاهدًا في سبيل الله، لا موظفًا باحثًا عن الراتب فقط، مفصول عن واجباته تجاه دينه وعن هويته .

كذلك أكد السيد القائد على أهمية بناء جيلٍ مسؤول وقادر على المواجهة، باعتبار التعليم أداة لصناعة الإنسان القرآني، الملتزم والمجاهد، لا الإنسان الانهزامي، وأن يكون هذا الجيل يقظاً في مواجهة مخاطر الاختراق الثقافي والحرب الناعمة ،التي هي “عدوان تربوي”، يسعى لتفكيك الأجيال من الداخل.

ومن أبرز موجهات السيد القائد يحفظه الله هو ضرورة تفعيل دور المعلم كصانع للهوية،  لأن المعلم ليس ناقلًا للمعلومة فقط، بل مجاهد في ميدان الوعي، ويجب تمكينه وتحصينه.

ووما ذكره عن المراكز الصيفية ، قوله حفظه الله : المراكز الصيفية تمثل رافدًا مهمًا لبناء جيلٍ قرآني واعٍ، متسلح بالعلم، والأخلاق، والثقافة الإيمانية، وهي ميدان جهاد تربوي في وجه الحرب الناعمة”.

خاتمة 

إن معركة الوعي التربوي في اليمن هي امتداد طبيعي لمعركة التحرر من الهيمنة الصهيوأمريكية. وبعد ثورة 21 سبتمبر، أضحى التعليم من أهم الجبهات التي عملت على تحصين الأجيال من الاختراق، وأن نبني تعليمًا قرآنيًا واعيًا، يُخرّج أحرارًا ومجاهدين، لا أتباعًا ومقلدين،

وما توجيهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) إلا خارطة طريق واضحة لبناء تعليم منتصر، يُعيد للأمة هويتها، وللأجيال كرامتها، ويؤسّس لغدٍ تنكسر فيه أمريكا وإسرائيل في كل الجبهات، ومنها جبهة التعليم.