وجحدوا بها واستيقنتها أنفسُهم ظلمًا وعلوًّا

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / شاهر أحمد عمير

 

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أنفسهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾، آية تختصر حال كثير من حكام العرب ومرتزِقتهم وأبواقهم الإعلامية في هذا الزمن الرديء.

إنها تصف حالة التناقض بين العلم بالحق والجحود به، بين يقين البصيرة وخيانة الموقف.

كما جحد فرعون آيات الله رغم علمه بها، يجحد اليوم كثير من الحكام حقيقة العدوّ الحقيقي للأُمَّـة: الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا.

يعلمونها يقينًا، لكنهم يتنكرون لها ظلمًا لأنفسهم، وعلوًّا واستكبارا على شعوبهم وعلى نهج الحق الذي تمثله المقاومة الحرة.

من يراقب المشهد العربي اليوم، يدرك أن الخيانة لم تعد سرًّا أَو تهمة خجولة، بل أصبحت سياسة رسمية معلنة وتحولت إلى خطط ممنهجة لتطبيع يُراد له أن يكون قدرًا مفروضًا على الأُمَّــة.

هؤلاء الحكام الذين يركعون عند أقدام أمريكا وكيان الاحتلال، لم يعودوا حتى يستحون من المجاهرة بولائهم لأعداء الإسلام والعروبة، بل يتفاخرون بأنهم “شركاءُ في السلام”، فيما تُرتكب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين في غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق.

لقد فقدوا آخر ما تبقى من الحياء السياسي، وتجاوزوا كُـلّ حدود الخِذلان.

أما المرتزِقة الذين يقاتلون أبناء جلدتهم أَو يبرّرون جرائم الاحتلال، فهم الامتداد الطبيعي لأُولئك الذين جحدوا بآيات الله رغم يقينهم بها.

يعلمون أن المقاومة شرف، وأن الوقوف مع فلسطين هو وقوف مع الكرامة، لكنهم باعوا ضمائرهم في سوق السياسة الرخيصة.

ساروا في ركاب أمريكا و(إسرائيل) ظنًّا أن الحماية الأجنبية والمال الخليجي سيمنحهم سلطةً أَو خلودًا، غير مدركين أن التاريخ لا يرحم الخونة، وأن مصير كُـلّ من خان ضميره هو مزبلة التاريخ مهما طال الزمن.

في المقابل، تقف المقاومة ومواقفها كمقاومة للذل والخِذلان.

المقاومة ليست مُجَـرّد عمل عسكري أَو شعار إعلامي، بل هي موقف أخلاقي قبل أن يكون سياسيًّا، وهي التزام بالكرامة والصدق مع القيم والقضايا.

من يثبت على هذا الموقف، حتى لو أُغلق في وجهه كُـلّ باب، فهو يضمن بقاء ضميره ومكانته أمام الأجيال.

نحن اليوم أمام لحظة فاصلة في تاريخ الأُمَّــة، لحظة يتمايز فيها الصف، فإما أن نكون مع الحق والمقاومة، أَو مع الباطل والعمالة.

لا حياد في زمن تتكلم فيه الحقائق بدماء الأطفال في غزة.

لقد بلغ الطغيان مداه، وآن أوان الحساب، فإما أن ينتصر صوت الكرامة والإيمان، أَو تُطمر الأُمَّــة في أوحال الخضوع والتبعية.

لقد استيقنت أنفسهم الحقيقة، لكنهم جحدوا بها خوفًا على كراسيهم، وظلمًا لشعوبهم، وعلوًّا على كلمة الحق.

وهنا يبرز دور القائد الحر السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- الذي أثبت للعالم أن العزةَ لا تُشترى بالدولار، وأن السيادةَ لا تُمنَحُ من البيت الأبيض، بل تُنتزَعُ من ميادين الصبر والإيمان.

قاد شعبَه بثبات وشجاعة، ووقف مع قضايا الأُمَّــة وعلى رأسها فلسطين، متمسِّكًا بالحق رغم الحصار والمؤامرات.

خطابُه الصادق وموقفه الثابت باتا نبراسًا لكل من أراد التحرّر من التبعية، وصوتًا عربيًّا أصيلًا في زمن الخنوع والتطبيع.

ستبقى آيةُ الله الكريمة تلاحق كُـلّ خائن وجاحد للحق: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أنفسهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾، وستبقى المقاومة عنوان الكرامة، ورجالها مشاعل النور في زمن الظلمة، حتى يتحقّق وعد الله بالنصر والتمكين، ويزول الجحود والعلو عن هذه الأُمَّــة إلى الأبد.