حركة “أبو شباب” مثالاً .. الدور الإماراتي في خيانة القضية المحورية واستهداف المقاومة الفلسطينية

البيضاء نت | تقرير يحيى الشامي 

 

 تكشف وثائق ومعطيات جديدة عن دور إماراتي متزايد في دعم عناصر مشبوهة داخل قطاع غزة، في محاولة واضحة لإضعاف المقاومة الفلسطينية التي تحظى بدعم شعبي واسع، لتقويض وحدة الصف الوطني الفلسطيني.

تشير التحقيقات الميدانية والوثائق المسربة -التي كشفت عنها بعض المواقع الصحفية الفلسطينية- إلى وجود شبكة معقدة من العلاقات تربط بين دوائر في أبوظبي وعناصر محلية في غزة، على رأسها ما تعرف حركة ياسر أبو شباب، الذي يحاول العدو تقديمه كـ”ظاهرة شعبية” في قطاع غزة، بينما يُنظر إليه من قبل أوساط فلسطينية واسعة أنه اختراق للأمن المجتمعي بكونه زرعاً فتنوياً يغذّيه العدو ويموّله ويسلّحه ويدعمه، أملاً في إحداث الانقسام في مجتمع فلسطيني يسعى للوحدة في مواجهة العدو.

وثائق تكشف التدخل الإماراتي المباشر في الشأن الفلسطيني

في الأشهر الماضية، رصدت وثائق مُسرّبة ومصادر محلية وجود مركبات تابعة لمجموعات أبوشباب تحمل لوحات مرورية إماراتية، في مشهد أثار جدلاً واسعاً بين الفلسطينيين.

 ورغم أن التأكيدات الرسمية لم تُصدر عن أبوظبي حول هذه “المزاعم”، إلا أن تزامن هذه المشاهد مع تصريحات دبلوماسية إماراتية، مثل وصف “المقاومة الفلسطينية” بأنها تُشكّل “تهديداً للأمن القومي”، يضع هذه الحادثة في سياق أوسع من السياسات الإقليمية، ففي مؤتمر دولي حديث أكّد ممثل إماراتي أن “السياقات الإقليمية تتطلب إعادة تقييم المفاهيم التقليدية حول النضال الفلسطيني”، وهو ما يُفسّر من قبل مُحللين أنه انقلاب على الموقف العربي المُتعارف عليه تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه الصهاينة بكونهم العدو التاريخي للعرب والمسلمين.

من جانبه، أشار الباحث السياسي علي أبو رزق في تحليل مُفصّل نشرته وكالة “شهاب “الفلسطينية  إلى أن الدعم الذي تحظى به جماعة أبو شباب لا يقتصر على الجانب المادي، بل يشمل “حملة إعلامية مُنسّقة” تُدار عبر عشرات الحسابات والذباب الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تُركّز على تقديم “أبو شباب كـصوت بديل يُعبّر عن مطالب سكان غزة”، ولفت إلى أن هذه الحملة تزامنت مع مقالات نُشرت في صحف عالمية مثل نيويورك تايمز، تروّج لـ”البدائل السياسية” في القطاع، دون الكشف عن مصادر التمويل المُحتملة.

وفقاً للمحلل السياسي علي أبو رزق، فإن السياسة الإماراتية تتبع نهجاً ثابتاً يقوم على تعزيز النزعات الانفصالية في المناطق العربية التي تشهد نشاطاً لحركات المقاومة المجابهة للمشروع الصهيوني، أو التيارات الداعمة للمقاومة، هذا التوجه يأتي في سياق رؤية إماراتية تنظر إلى المقاومة الفلسطينية ليس كحركة تحرر وطني مشروعة، بل كامتداد أيديولوجي يتعارض مع مصالحها الإقليمية.

وقبل أيام وفي تصريح مثير للجدل، عبر دبلوماسي إماراتي في مؤتمر دولي عن اعتبار “المقاومة الفلسطينية تهديداً للأمن القومي الإماراتي”، وهو موقف يثير تساؤلات جدية حول التزام دولة عربية تجاه قضية تُعتبر محورية في الضمير والوجدان العربي والإسلامي، وحظيت لعقود بإجماع عربي منقطع النظير، خاصة في الأوساط الشعبية والجماهيرية، بصرف النظر عن الواقع العملي المتردّي لغالبية الأنظمة العربية، وهو التوجّه الانقلابي الذي تقوده اليوم الامارات، في انسجام وتماهٍ تام مع المشروع الصهيوني في المنطقة.

وكانت مقاطع فيديو مسربة تكشف عن تحرّك عناصر من مجموعات “أبو شباب” في مركبات تحمل لوحات مرورية إماراتية، ما أثار صدمة في الشارع الفلسطيني الذي يرى في هذا المشهد اختراقاً مباشراً للسيادة الوطنية، واختراقاً لحالة الإجماع العربي والإسلامي المصطف مع القضية الفلسطينية، كما أن هذه الصور تؤكد عمق الانخراط الإماراتي في خدمة كيان العدو الإسرائيلي في لحظة تمثّل ذروة انكشاف العدو الإسرائيلي، وحالة التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية.

حملة إعلامية منسقة لتلميع صورة الخونة

تشير التحقيقات إلى وجود حملة علاقات عامة واسعة النطاق تديرها عشرات الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تُدار من داخل الإمارات أو بتمويل منها، وهي حملة تهدف إلى إعادة تشكيل الرأي العام الفلسطيني تجاه “أبو شباب”، محاولة تقديمه كـ”ظاهرة شعبية” رغم الاتهامات الموثقة بتعاونه مع قوات العدو.

ففي تطور لافت، قامت إحدى جماعات الضغط السياسي في الولايات المتحدة، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع أبوظبي، بتمويل مقابلات ومقالات في صحف عالمية مرموقة مثل نيويورك تايمز وصنداي تايمز، بهدف تسويق “أبو شباب” كصوت سياسي بديل في غزة.

وتلعب شبكة “جسور نيوز” الممولة إماراتياً دوراً محورياً في هذه الحملة، فقد كشفت مصادر مطلعة عن تخصيص تمويل مشترك من الإمارات و”إسرائيل” لدعم هذه الشبكة، مع التركيز على الترويج للعصابات المسلحة في غزة كأولوية قصوى.

وتعمل أبوظبي وكيان العدو ضمن خلية عمل مشتركة في إطار ترتيبات “اليوم التالي للحرب”، بهدف توفير شبكة حماية إعلامية للعصابات المسلحة، ومحاولة حمايتها من أي محاسبة شعبية قد تهدد وجودها.

وعلى مدار أشهر الحرب على غزة، تبنت “جسور نيوز” خطاباً معادياً لفصائل المقاومة الفلسطينية، وروجت لبدايات عصابة “أبو شباب” قبل أن تتوسع في الترويج لعصابات أخرى أصغر، يأتي التوجه في سياق محاولة منهجية لتقويض خطاب المقاومة، واتهامها بالفشل الأمني، وهو الهدف الذي يسعى له كيان العدو الإسرائيلي.

وتشير هذه الخطوات إلى وجود مخطط منهجي لاستهداف المقاومة الفلسطينية من خلال دعم عناصر معارِضة للمقاومة داخل المجتمع الفلسطيني، هذا المخطط يعتمد على التمويل الخارجي والدعم الإعلامي والتنسيق مع قوات العدو لتحقيق أهداف تتعارض مع تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

هذا الاستثمار الإعلامي الضخم يكشف عن استراتيجية طويلة المدى لإعادة تشكيل المشهد السياسي الفلسطيني بما يخدم أجندات خارجية تتقاطع مع مصالح العدو الإسرائيلي. وكشفت مصادر مطلعة عن تمويل مشترك بين جهات إماراتية ودولية لشبكة “جسور نيوز” التي أصبحت -في الأشهر الأخيرة- منصة رئيسية لـ”تقديم السردية المُعادية لفصائل المقاومة”، واستضافت الشبكة في الساعات الأخيرة زوجة “أبو شباب” في تقرير ترويجي ركّز على ما أسماه مشاريع “إنسانية” في مناطق يُسيطر عليها الكيان، بينما تجاهلت الإشارة إلى أن زوجها مُعترَفٌ به من قبل كيان العدو كـزعيم لـ”قوات شعبية” تحت حمايته.

ومنذ ظهور “أبو شباب” تعمد الحركة إلى بثّ مقاطع تُظهر عناصره وهم يسيطرون على قوافل مساعدات، أو يُجرون استعراضات عسكرية، باعتبارهم القوة الميدانية المسيطرة في محاولة لـ”إضفاء شرعية” على وجودهم، لكن اللافت أن هذه الاستعراضات لم تفلح في تغيير الموقف الشعبي، إذ سرعان ما برأت قبيلة “أبو شباب” منه بعد إعلانه أن سلاحه يعود إلى قبيلته، في خطوة عدّها مراقبون تدميراً لمشروعه من الداخل.

وتشير تقارير صحفية أمريكية وإسرائيلية إلى وجود خلافات بين القاهرة وأبوظبي حول الموقف من غزة خلال المفاوضات الأخيرة، فبينما تمسّكت مصر بضرورة القضاء على النزعات الانفصالية، ودمج قوى المقاومة في مرحلة ما بعد الحرب، أبدت الإمارات تحفظاً واضحاً على هذا التوجه. يشار هنا إلى أن العداء الإماراتي الرسمي للمقاومة الفلسطينية أصبح علنياً وسافرا، ولم يعد يُمارس في الخفاء كما كان سابقاً. وقبل يوم أستدل مجرم الحرب نتنياهو في خطابه أمام “الكنيست” الصهيوني بمقال لكاتب إماراتي يُدعى أمجد طه، وإليكم حديث المجرم نتنياهو بالحرف الواحد الذي تضمّن شهادة الكاتب الإماراتي: (هكذا ينظر إلينا في العالم بأسره، وفي العالم العربي بأسره: أود أن أقرأ لكم أموراً كتبها قبل أيام صحفي بارز من الإمارات، أمجد طه. كتب طه: «منظمة حماس استسلمت لأوامر “إسرائيل” ولتحذير الرئيس ترامب، قلة في هذه المنطقة يظهرون مثل هذه الشجاعة المثابرة». وهذه رسالة كاتب العمود الإماراتي إلى أعداء “إسرائيل”: «فعلتم كل شيء لكي تنتصر معاداة السامية – وقد خسرت مجدداً، “إسرائيل” جزء من ماضي وحاضر ومستقبل الشرق الأوسط، هزمت حماس».!!