خيانة القرن تتجدّد.. السعودية تمنح “إسرائيل” بوابة الطاقة إلى أوروبا عبر مشروع IMEC

البيضاء نت | تقرير

 

في وقتٍ تلتزم فيه السعودية الصمت وتقدّم نفسها كوسيطٍ “محايد” في قضايا المنطقة، خرج وزراء إسرائيل ليكشفوا الوجه الحقيقي للعلاقات السرية بين الرياض وتل أبيب، معلنين عن مشاريع اقتصادية عملاقة، واتفاقات طاقوية تمهّد لتطبيعٍ علنيّ يقترب يوماً بعد آخر.

 

ممر طاقة للتطبيع

وزير الطاقة “الإسرائيلي” إيلي كوهين لم يترك مجالاً للشك حين كشف لصحيفة معاريف العبرية عن نية بلاده إنشاء ممر طاقة يربط السعودية بإسرائيل، يتجاوز إيران وقناة السويس، ليكون طريقاً مباشراً نحو أوروبا.

الوزير قالها بوضوح: هذا المشروع “سيُخفض تكاليف النقل ويجعل السعودية أقرب إلى الأسواق الأوروبية”، في حين “ستتحول إسرائيل إلى مركز طاقة إقليمي”.

بكلمات أخرى، الرياض تضع بنيتها التحتية في خدمة الاقتصاد الإسرائيلي، في صفقة تطبيعية تُطبخ على نارٍ هادئة، بعيداً عن أعين الشعوب.

 

حين تموّل الرياض طريق الاحتلال.. IMEC شاهد على خيانة القرن

لم تكن فكرة ربط الطاقة بين “السعودية وإسرائيل” وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى عقود مضت، غير أن التنفيذ الفعلي بدأ يتسارع منذ أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
في سبتمبر 2023، وخلال قمة العشرين في نيودلهي، تم الإعلان عن ممر IMEC – أكبر مشروع اقتصادي تطبيعي في المنطقة – بدعم مباشر من الولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي، وبمشاركة السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل.

يهدف المشروع إلى ربط الهند بأوروبا عبر غرب آسيا، بحيث تتحول السعودية إلى محور رئيسي في نقل الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر والكهرباء نحو الأراضي المحتلة ثم أوروبا.
وبحسب المخطط، تُنقل الطاقة والبضائع من موانئ الهند إلى الدمام، ثم عبر السكك الحديدية السعودية والأردنية إلى ميناء حيفا الإسرائيلي، لتواصل طريقها نحو أوروبا، تتضمن المرحلة الأولى مدّ سكة حديد من حيفا إلى الحدود الأردنية (بيت شان–إربد) باستثمار سعودي ضخم قُدّر بـ 20 مليار دولار، على أن تُستكمل لاحقًا بربط مباشر مع الخليج العربي.

غير أن كل تلك الخطط تلقت ضربة قاصمة بعد عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر)، إذ توقفت مشاريع التطبيع الكبرى، فيما جاءت عمليات صنعاء النوعية في البحر الأحمر وخليج عدن لتُحكم الحصار على الموانئ “الإسرائيلية” والشركات المتعاملة معها، مانعةً عبور أي شحنات نحو الاحتلال ضمن إسناد عسكري مباشر للشعب الفلسطيني دعما لغزة.

 

ترامب: التطبيع (السعودي – الإسرائيلي) قريب جداً

تأكيدات كوهين تزامنت مع تصريح أكثر خطورة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن لمجلة تايم أن اتفاق التطبيع السعودي–الإسرائيلي بات قريباً جداً، قائلاً بالحرف: “أعتقد أن المملكة ستكون الرائدة في هذا المجال، وهي في طليعة الدول المنضمة لاتفاقات أبراهام.”

هكذا ببساطة، يُعلن ترامب ما تحاول الرياض إخفاءه، ويقدّمها بوصفها القاطرة الجديدة للتطبيع العربي مع الاحتلال، في وقتٍ تعيش فيه غزة تحت الحصار والمجازر اليومية.

 

إهانة علنية من تل أبيب

لكن المشهد لم يكتمل إلا بالإهانة العلنية التي وجّهها وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش للسعودية.

فخلال مؤتمر في القدس، سخر من المملكة قائلاً: “لا شكراً، استمروا في ركوب الجِمال في الصحراء.”

كان ذلك ردًّا على عرض سعودي بتطبيع العلاقات مقابل القبول بقيام دولة فلسطينية.

تصريح سموتريتش لم يكن مجرد زلة لسان، بل كشف نظرة “تل أبيب” المتعالية نحو الرياض، حتى وهي تسعى خلفها لتطبيعٍ “هادئ”.

مصدر “إسرائيلي” نقلته القناة 12 وصف ما حدث بأنه دمّر نصف عام من العمل الدبلوماسي السري بين الجانبين، في حين هرع الوزير نفسه للاعتذار على منصة “إكس”، معتذراً بـ”أسلوبٍ استعلائي” حين طالب السعوديين بالاعتراف بـ”الحقوق التاريخية للشعب اليهودي في الضفة الغربية”!

 

تطبيع بإهانة

هكذا تُعامِل تل أبيب حلفاءها الجدد: مشاريع طاقة مشتركة، وممرات اقتصادية استراتيجية، يقابلها ازدراء سياسي واحتقار ثقافي.

فبينما يتحدث كوهين عن “التكامل الطاقي” وترامب عن “القيادة السعودية لاتفاقات أبراهام”، يأتي سموتريتش ليُذكّر العالم بأن من يهرول نحو التطبيع لا يُعامل إلا كتابع.

ويرى مراقبون أن “إسرائيل” لا ترى في السعودية سوى بوابةٍ لمصالحها، وسوقًا لتوسيع نفوذها الاقتصادي والأمني في المنطقة، أما “العمل الهادئ” الذي يتحدث عنه المسؤولون “الإسرائيليون”، فهو ببساطة خطة اختراق ناعمة تُمهّد لتطبيعٍ كامل، تحت عنوان “مشروع طاقة”.

السؤال الذي يفرض نفسه: كم إهانة أخرى ستقبلها الرياض قبل أن تُعلن رسميًا انضمامها إلى نادي المطبّعين؟

المصدر: وكالة الصحافة