المسيرة القرآنية وشمولية الصراع مع العدو.. من وعي الشهيد القائد إلى معركة الأمة الشاملة

البيضاء نت | تقرير  هاشم الأهنومي

 

في عالمٍ تتكالب فيه قوى الطغيان العالمي لفرض هيمنتها السياسية والفكرية والاقتصادية على الشعوب، تبرز المسيرة القرآنية كأعظم مشروع وعيٍ ونهضةٍ في وجه الاستكبار، مشروعٌ وُلد من رحم البصيرة القرآنية التي فجّرها الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) في وجه أمريكا وإسرائيل، ليعلن ميلاد مرحلةٍ جديدة من الصراع؛ صراع الوعي والإيمان قبل السلاح والميدان.

لقد أدرك الشهيد القائد أن العدو لا يواجه الأمة في ميدانٍ واحد، بل يعمل على تفكيكها من داخلها؛ في الفكر، في الاقتصاد، في الإعلام، وفي الأخلاق، مستهدفًا هويتها الجامعة ووعيها الجمعي، ومستخدماً شعاراتٍ خادعة تحت عنوان “محاربة الإرهاب” و“نشر الديمقراطية”.

ومن تلك الرؤية القرآنية العميقة، انطلقت المسيرة القرآنية لتبني أمةً تقرأ الأحداث بعين القرآن، وتواجه العدوان بثقةٍ إيمانية ويقينٍ بوعد الله بالنصر.

الشهيد القائد.. عين على الأحداث وعين على القرآن

في ظل التحرك الكبير لأمريكا والصهيونية للسيطرة على العالم، وخصوصًا على الأرض العربية ومقدساتها، تعرّضت الأمة الإسلامية لهجمة فكرية وثقافية تهدف إلى تفكيك هويتها الجامعة، عبر سياساتٍ مذهبية وطائفية، واستخدام الإرهاب المصنّع كذريعةٍ للغزو والسيطرة.

وفي الوقت الذي انخدع فيه العالم بأكاذيب أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، كان الشهيد القائد يعيش وعياً قرآنيًا استثنائيًا، أدرك من خلاله أن ما يجري ليس حربًا على الإرهاب، بل حربًا على الإسلام والهوية والإيمان والسلاح.. ومن هنا أوقد الشهيد القائد ثورة الوعي تحت قاعدة «عين على الأحداث وعين على القرآن»، ليعيد للأمة بوصلة الصراع الحقيقية ويكشف زيف العناوين الأمريكية التي غطّت بها مشروعها العدواني.. أوقد الشهيد ثورة الوعي تحت قاعدة “عين على الأحداث وعين على القرآن”، ليُصحّح الثقافات المغلوطة التي حاولت قوى الاستكبار فرضها على الأمة.

الصراع مع العدو.. معركة وعيٍ تمتد بامتداد التاريخ

لم يعد الصراع مع العدو مجرد حدثٍ عابر، بل سنة إلهية محكمة تناولها القرآن الكريم بتفصيلٍ ووضوحٍ بالغين، ليضع للأمة خارطة مواجهةٍ تمتد من عمق التاريخ إلى كل واقعٍ معاصر.

فالقرآن رسم معالم الطريق وحدّد متطلبات النصر الكبرى: الهداية، والقيادة، والاعتصام.. هذه الركائز هي التي تضمن للأمة الثبات أمام الطغيان، والخروج من التبعية إلى فضاء العزة والكرامة.

العداوة في القرآن.. جذورٌ وأهدافٌ لا تتبدل

العداوة بين الحق والباطل ليست وليدة اللحظة، بل جزءٌ من طبيعة الحياة نفسها.. قال تعالى: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا” صدق الله العظيم، فالعدو لا يكتفي بالعدوان العسكري، بل يسعى إلى إفساد الأمة من داخلها: في الفكر والعقيدة والسياسة والاقتصاد والإعلام والتعليم، ليفرغها من مضمونها الإيماني والحضاري.

قال تعالى: “إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ”.. والردّة هنا ليست مجرد خروجٍ من الدين، بل انكسارٌ في كل مجالات الحياة، وهو ما يسعى إليه العدو الأمريكي والإسرائيلي منذ عقود عبر أدواتها الثقافية والإعلامية والسياسية.

متطلبات الصراع.. خارطة الطريق للانتصار

في مواجهة عدوان شامل يسعى لتفكيك الأمة من داخلها، يقدم المنهج القرآني مقومات أساسية لتحقيق الصمود والنصر، تبدأ بالهداية والعودة إلى القرآن كمنهج ووعي شامل.. فالقرآن يمثل بوصلة الأمة في تفسير الأحداث وفهم طبيعة العدو، ومن خلاله تتضح الرؤية وتنكشف الدعايات الكاذبة والأساليب الخبيثة، وتتكون مواقف واضحة ومستندة إلى بصيرة دقيقة، بينما يؤدي الابتعاد عن هدى الكتاب إلى تشتت البوصلة وفقدان القدرة على التمييز وسط ضجيج الإعلام والتشويه الثقافي.

ومن الهداية تنتقل الأمة إلى أهمية القيادة الواعية، التي تتحمل مسؤولية التوجيه والتمكين، وترتبط بالمنهج القرآني لتوحيد الصفوف وضبط المسارات، وتحويل الوعي إلى سياسات وإجراءات عملية تمنح المجتمع القدرة على الصمود والمواجهة الفعالة.. وفي قلب هذه المعادلة يأتي الاعتصام بالله، الذي يمثل وحدة الموقف والتحصين من التبعية، فهو التمسك بالمبادئ وصمود الأمة أمام كل أشكال التولي والارتباط بأدوات العدو، ويمنح المجتمع المرونة أمام مخاطر الحرب الناعمة والفتن الداخلية، ويؤمن له القدرة المستمرة على الصمود والمواجهة.

السيد القائد.. الرؤية القرآنية أساس الصمود والبصيرة

يؤكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن الصراع مع الأعداء شاملٌ وممتد، لا يقتصر على ميدان السلاح، بل يشمل الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع: يجب أن نستحضر الصراع مع الأعداء في مختلف المجالات، وأن ندرك أنهم يسعون للسيطرة علينا، وأن نحاربهم في هذا المجال وأن نستحضر عداءنا لهم.»

ويضيف محذرًا من الحرب الفكرية والأخلاقية: العدو يريد أن يرى شباب الأمة مجردين من القيم ومدمرين صحيًا وأخلاقيًا… ويحاول أن يفصل المرأة عن أسرتها ليكون المجتمع هشًّا.

ويرى السيد القائد أن الحل الجذري هو العودة إلى القرآن، باعتباره مرجع المواقف والبصيرة: الرجوع إلى القرآن يمثل حصنًا للأمة… فالموقف القرآني هو الموقف الصحيح والناجح والمجدي.

كما يحذّر من التبعية للعدو قائلًا: الخسارة الحتمية هي في أن تستسلم الأمة أو أن تواليهم.

جهاد شامل.. وعي واقتصاد وسياسة وإعلام

المسيرة القرآنية تؤمن أن النصر لا يتحقق إلا بجهادٍ متكامل في كل الميادين، فلا يقتصر على السلاح وحده، بل يشمل العقل والقلب والاقتصاد والإعلام والسياسة.. فالجهاد يبدأ بالوعي، بكشف مخططات الأعداء وتحصين العقول، ويمتد إلى الاقتصاد بالمقاطعة والإنتاج الذاتي وتنمية القدرات الوطنية، ويشمل الإعلام بمواجهة التضليل وكشف الحقائق، وأخيرًا السياسة بثبات المواقف الحرة الرافضة للوصاية الأجنبية.. ومن خلال هذا الجهاد الشامل، وبالتمسك بالقرآن والرسول وقرناء القرآن، تستطيع الأمة أن تحقق الصمود وتواجه العدوان بكامل القدرة والإرادة.

الثقة بالنصر.. وعد الله للمجاهدين

تنبع الثقة بالنصر من وعدٍ قرآنيٍ صادقٍ لا يتخلف، ومن إيمانٍ راسخ بزوال المشروع الأمريكي الصهيوني مهما طال الزمن، فهذه الثقة ليست شعاراتٍ جوفاء، بل هي نتاج فهمٍ عميق للواقع ووعيٍ متكامل بطبيعة العدو وأساليبه ومخططاته.. وقد أكد القرآن الكريم على أن النصر حتمي للمستجيبين، والمستمرين في الصبر والجهاد والوعي، فهو وعد الله الذي لا يخلف، ويعطي للمجاهدين ثباتًا في مواجهة أعتى التحديات وأعنف المؤامرات.

إن إدراك الأمة لطبيعة الصراع وشموليته، وتوحيد الجهود على مختلف الأصعدة: الفكرية، الاقتصادية، السياسية، والإعلامية، يجعل هذا الوعد القرآني حقيقة واقعية، وليس مجرد وعد معنوي.. فالاستمرار في الثبات، والاعتصام بالقرآن، والعمل على تجسيد الهداية والقيادة الحكيمة، هي أدوات تحقق النصر، وتمنح المجاهدين اليقين بأن زوال المشروع العدواني بات وشيكًا.

معركة الوعي مستمرة حتى زوال الباطل

إن الصراع مع العدو معركة وعيٍ مستمرة بامتداد التاريخ، لا تنطفئ إلا بزوال الباطل وانكسار الاستكبار.. ومن جذوة الشهيد القائد التي أنارت الوعي، إلى قيادة السيد القائد التي رسّخت مفهوم شمولية الصراع، تمضي المسيرة القرآنية بثباتٍ ويقينٍ على طريق النصر، مؤمنةً بوعد الله الحقّ: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم.