تواطؤ دولي وعربي يُغطّي على جرائم الاحتلال
البيضاء نت | مقالات
بقلم / نبيل الجمل
في ظل اتّفاقات وقف إطلاق النار والهدن التي أعقبت العدوان الأخير على قطاع غزة، برزت حقيقةٌ صادمة: فالاتّفاقيات التي كان يُفترض أن تكون مدخلًا للسلام والعدالة، تحوّلت إلى غطاءٍ يمنح الاحتلال الإسرائيلي حصانةً مطلقة لمواصلة انتهاكاته واغتيالاته بشكل منهجي.
لم تمضِ ساعةٌ واحدةٌ منذ دخول الهدن حيّز التنفيذ دون أن يُسجّل انتهاك جديد.
فبينما يُفترض أن تكون هذه الفترات فرصةً لبناء الثقة، يستغلها كيان الاحتلال لإعادة تموضعه الاستخباري والعسكري، ويواصل استهداف قيادات المقاومة، كما حدث مع استشهاد القائد رائد سعد، قائد ركن التصنيع العسكري في كتائب القسام، إلى جانب مجموعةٍ من المجاهدين.
هذا الاغتيال ليس مُجَـرّد خرقٍ للتفاهمات، بل رسالةٌ واضحةٌ: فالاحتلال لا يعترف بالهدن إلا كوقفٍ مؤقتٍ للنار، لا كالتزام بإنهاء العدوان.
وعلى الجبهة الشمالية، تُسجّل الخروقات الإسرائيلية ضد حزب الله وتيرةً تصاعديةً؛ ما يهدّد بانفجار شاملٍ في المنطقة.
وفي الطرف المقابل، يظهر التواطؤ الدولي والعربي بلونه الأقبح حين يُقتل جنديٌ إسرائيلي.
ففي لحظةٍ واحدة، تتحول الأرواح المحتلّة إلى “ضحايا”، ويُطلق العنان لمنظومة دولية كاملة: مجلس الأمن يجتمع طارئًا، القوى الإقليمية تُصدر بيانات الإدانة، والمنافقون في الساحة العربية يرفعون الصوت عاليًا، مطالبين بـ”ضبط النفس” من الطرف الفلسطيني أَو اللبناني، رغم أن هذا “الجندي” لا يُقاتل سوى على أرضٍ محتلّة.
هذا التناقض الفاضح ليس صدفة، بل هو نظامٌ ممنهج.
فالنظام الدولي، بوساطاته وقواعده، يتعامل مع دماء المقاومين الأبرياء كأرقام هامشية في معادلاته السياسية، فيما يُضخّم دم المحتلّ ليصبح “جريمة ضد السلام العالمي”.
النتيجة؟ وسطاءٌ ليسوا محايدَين، بل شركاء صامتون في جرائم الاحتلال.
وضامنون لا يضمنون سوى استمرار الحصار والعقاب الجماعي ضد الشعوب.
وصمتٌ دولي يُعطي الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب المزيد، بثقةٍ تامةٍ أنه لن يُحاسب، بل سيُكافأ.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأصعب: متى يُدرك العالم أن “الاستقرار” الذي يُبنى على ظهور المظلومين، لا يمكن أن يدوم؟