حين يحترق القرآن تسقُطُ الأقنعة وتتكشّف الحرب

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / جميل المقرمي

 

ما يجري من إحراق متعمد للقرآن الكريم ليس حادثة معزولة، ولا تصرفًا فرديًّا؛ إنه جريمة فظيعة، وعدوان سافر، وحرب مفتوحة على هُوية أُمَّـة وعلى كتاب الله المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

إنَّ مَن يقدم على إحراق القرآن لا يفعل ذلك من فراغ، بل من حقد متراكم، وعداء متجذر، وكراهية معلنة للإسلام والمسلمين، وما يسمى بـ “حرية التعبير” لم يعد سوى ستار قبيح لشرعنة الإساءة وتبرير الجريمة، وتحويل الكراهية إلى فعل محمي بالقانون.

هذه الإساءة ليست فعلًا رمزيًّا، بل إعلان حرب ثقافية وعقدية، ودعاية وقحة يستثمرها أعداء الأُمَّــة سياسيًّا وانتخابيًّا، في ظل صمت دولي مخزٍ وتواطؤ مكشوف.

القرآن الكريم هو كتابُ الله ونورُه المبارك، وهو إرث الأنبياء، وهو الحصن الحصين للإنسانية من الضلال والفساد والطغيان، ومَن يستهدفه إنما يستهدف ما تبقى من قيم، وما تبقى من معنى للعدل والكرامة والتعايش.

لقد تكشفت المعركة بوضوح؛ أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني يتحَرّكون في خندق واحد بعداء صريح للإسلام، وما إحراق القرآن إلا تعبير فاضح عن هذا الحقد الذي نراه يوميًّا في فلسطين، وفي انتهاك المقدسات، وفي دعم القتل والإبادة بلا خجل.

السكوت على هذه الجريمة تفريط عظيم، وعدم اتِّخاذ أي موقف حتى في حدوده الدنيا سقوط أخلاقي، وانهيار في الوعي، وضعف في الانتماء، وخطر داهم على هُوية الأُمَّــة وصلتها بالله.

إنَّ المسؤولية اليوم مسؤولية دينية وإنسانية، تقع على عاتق الحكومات والشعوب، على النخب والجماهير، على العلماء والإعلاميين؛ فالمعركة ليست معركة كلمات، بل معركة كرامة ووجود.

المطلوب موقف واعٍ صلب؛ موقف يواجه الإساءة ولا يبرّرها، يفضح الطغيان ولا يهادنه، ويتحَرّك بالضغط السياسي والإعلامي والاقتصادي، بالمقاطعة، بالحملات التوعوية، وبكسر حالة الصمت التي شجعت الأعداء على التمادي.

القرآن لا تحرقه النيران، ولكنه يفضح مَن أشعلها، ويكشف مَن صمت، ويحاسب مَن تفرج.