جمعة رجب… عيد الأعياد وميلادُ أمةِ الإيمان
البيضاء نت | مقالات
بقلم / خلود سفيان
في ذاكرة الشعوب أيامٌ لا تُنسى، وفي تاريخ اليمنيين يومٌ هو من أعظم الأيام؛ إنه عيدُ الأعياد، يومُ جمعةِ رجب، اليومُ الذي لم تشرق شمسه على الأرض فحسب، بل أشرقت في قلوب اليمانيين لتنيرها بنور الإسلام الخالد.
منذ فجر التاريخ واليمنيون يسطرون النموذج الأرقى في كل زمانٍ ومكان؛ فمنذ ذي القدم، وفي عهد الملكة بلقيس، قرأنا في كتاب الله كيف دخلت هي وقومها طواعيةً في الإسلام من دون حربٍ أو قتال. وقد أعاد التاريخُ نفسه في أول جمعةٍ من رجب، عندما قدم رسولُ رسولِ الله، الإمامُ عليٌّ عليه السلام، إلى اليمن، فدخلوا في دين الله أفواجًا.
فنحن شعبٌ لا تُفتح قلاعه بالسيوف، بل تُفتح قلوبه بالمنطق والقدوة والحكمة، فكان قول النبي الخاتم: «الإيمانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانية» وسامًا أزليًا توّجنا به.
وبقدوم الإمام عليٍّ عليه السلام وجد اليمنيون ضالتهم المنشودة، فانشرحت الصدور، وخشعت الجوارح، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، في مشهدٍ مهيبٍ هزّ أركان الجزيرة العربية.
لقد مثّل قدوم الإمام عليٍّ إلى اليمن نقلةً نوعيةً لم تغيّر خريطة الدين فحسب، بل غيّرت هوية الإنسان اليمني، وجعلته الحارسَ الأمين لراية الإسلام، والمددَ الذي لا ينضب للحق.
إن يوم الجمعة من شهر رجب يُعدّ عيدَنا الأغر، لأنها ليست مجرد ذكرى عابرة، بل يوم الشكر العظيم لربٍّ هدانا لهذا الدين، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. فهو يوم الوفاء لرسول الله وعترته الأطهار الذين حملوا إلينا مشاعل النور، وهو اليوم الذي جعلنا نعتز ونفتخر بهويتنا الإيمانية، وها نحن نجدد فيه تمسكنا بأصالتنا اليمانية التي ترفض الإكراه وتختار الحق طواعية.
ستظل جمعة رجب هي العيد الذي تتجلى فيه أسمى معاني الإيمان، وستبقى القلوب اليمانية تلهج بالحمد والثناء في كل عام، مستذكرةً تلك اللحظة التي اختارت فيها اليمن طريق النور، لتكون للأبد مهدَ الإيمان وموطنَ الحكمة.