بين فوضى الأمن وتفشي العصابات.. دوامة الاختطاف والابتزاز تعصف بسوريا

البيضاء نت | تقارير       

تشهد مناطق واسعة من سوريا حالة انفلات أمني مقلقة، مع تزايد حوادث الخطف والابتزاز وسط عجز السلطات المحلية وتوسع نفوذ العصابات المسلحة، في مشهد يعكس تعمق الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عقد.

ففي ظل غياب القانون وتراجع القبضة الأمنية الرسمية، باتت حوادث الاختطاف جزءًا من الواقع اليومي في العديد من المدن والبلدات، سواء في مناطق النظام أو في مناطق سيطرة قوى الأمر الواقع شمالًا وجنوبًا. وتتنوع دوافع هذه الحوادث بين طلب الفدية والابتزاز المالي، وتصفية الحسابات، وحتى الاتجار بالبشر.

عصابات منظمة وشبكات خارجة عن السيطرة

 

تشير تقارير ميدانية إلى تورط جماعات مسلحة، بعضها ذو صلات بجهات أمنية، في عمليات خطف تستهدف المدنيين والتجار وحتى النساء والأطفال. ويُدار العديد من هذه العمليات من قبل شبكات منظمة تمتلك موارد لوجستية وأسلحة وتغطية أمنية، الأمر الذي يعرقل أي محاولات لملاحقتها أو تفكيكها.

ويقول ناشطون إن عصابات الخطف باتت تعتمد أساليب متطورة، بينها التنكر بلباس رسمي، أو استدراج الضحايا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم نقلهم إلى أماكن مجهولة ومطالبة أسرهم بفديات مالية ضخمة، قد تصل أحيانًا إلى عشرات آلاف الدولارات.

المناطق الساخنة: السويداء ودرعا نموذجًا

في الجنوب السوري، خصوصًا محافظتي السويداء ودرعا، تصاعدت خلال الأشهر الأخيرة وتيرة عمليات الخطف، حيث يتم استهداف المدنيين على الطرقات أو من منازلهم، بينما تعاني الأجهزة الأمنية من الانقسام أو التواطؤ، وفق شهادات محلية.

ويشتكي الأهالي في السويداء من عجز السلطات عن تأمين الحماية، بل واتهامها أحيانًا بالتواطؤ مع العصابات، خصوصًا مع انكشاف صلات مشبوهة بين بعض عناصر الأمن وأفراد تلك الشبكات. الأمر ذاته يتكرر في درعا، التي تشهد حالة من الفلتان الأمني المستمر، رغم ما تعلنه السلطات من “تسويات” ومصالحة”.

الأطفال والنساء.. ضحايا بلا حماية

لم تسلم الفئات الأضعف من هذه الظاهرة؛ إذ تم توثيق حالات اختطاف طالت أطفالًا ونساءً، سواء بهدف الابتزاز أو الاتجار، في مشهد يبعث على الرعب داخل المجتمع السوري المنهك أصلًا بالحرب والنزوح والفقر.

وتحذر منظمات حقوقية من أن استمرار هذه الظاهرة دون تدخل حقيقي قد يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي، وتحول الخطف إلى أداة اعتيادية لكسب المال في ظل الانهيار الاقتصادي المستمر.

فدية أو موت.. ابتزاز في زمن الانهيار

غالبًا ما تُختم فصول هذه المآسي بدفع الفدية تحت ضغط الخوف، في بلد تجاوزت فيه معدلات الفقر حاجز 90% من السكان. فيما يعجز الكثير من الأهالي عن توفير المبالغ المطلوبة، ما يجعل المخطوفين عرضة للتعذيب أو القتل أو البيع لأطراف خارجية.

وتحكي عائلات قصصًا مروعة عن تفاوض دام أسابيع أو شهورًا، بين تهديدات القتل ومناشدات ذويهم على وسائل التواصل، في ظل صمت رسمي لافت، وغياب أي آليات لمواجهة الظاهرة.

غياب الدولة.. بيئة خصبة للجريمة

الانهيار الأمني والاقتصادي والمؤسساتي في سوريا خلق بيئة مثالية لازدهار الجريمة المنظمة، خصوصًا في المناطق التي تفتقر لأي وجود فاعل للدولة، أو حيث تتحكم المليشيات بالسلاح والقرار.

وفي ظل استمرار هذا الواقع، تبقى دوامة الاختطاف والابتزاز واحدة من أخطر التحديات التي تهدد السوريين في حياتهم اليومية، وتحول بلادهم إلى ساحة مفتوحة للجريمة، بلا رادع أو محاسبة.

 

 

 

المصدر: وكالات