غزة تختنق: أطفال يموتون جوعًا ومرضًا وسط صمت العالم

البيضاء نت | تقارير 

في قطاع غزة المحاصر، لا تُعدّ الضحايا بالأرقام فحسب، بل تُحصى بالآهات والأنين وصور الأطفال الذين يذبلون أمام أعين أمهاتهم دون طعام أو دواء. على مدار أكثر من 21 شهرًا، يواجه القطاع عدوانًا إسرائيليًا غير مسبوق، خلّف آلاف الشهداء والجرحى، وأدخل السكان في نفقٍ مظلم من الجوع والموت البطيء.

حصيلة دامية خلال 24 ساعة

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وصول 88 شهيدًا، بينهم 12 شهيدًا تم انتشالهم من تحت الأنقاض، و374 مصابًا إلى مستشفيات القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية، نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي. من بين هؤلاء، استشهد 11 مدنيًا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية، لترتفع حصيلة “شهداء لقمة العيش” إلى 1,132 شهيدًا وأكثر من 7,521 إصابة.

وسجّلت مستشفيات غزة ست وفيات جديدة بسبب الجوع وسوء التغذية خلال الفترة نفسها، ليبلغ إجمالي وفيات المجاعة 133 حالة، من بينهم 87 طفلًا.

مجاعة تحصد أرواح الأطفال

حذّر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة من كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة أكثر من 100,000 طفل، بينهم 40,000 رضيع، نتيجة النقص الحاد في الحليب والمكملات الغذائية، واستمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الأساسية. وأكد أن الخطر بات وشيكًا، وقد يشهد القطاع “موتًا جماعيًا” خلال أيام إذا لم يتحرك العالم فورًا.

صرخات أمهات تحت القصف

في المخيمات المدمرة، تتكرر صور الأمهات اللواتي يحملن أطفالًا هزالين لم يذوقوا الطعام منذ أيام. تقول إحدى الأمهات: “أطعمه ماءً مغليًا مع قشر البطاطا فقط… لا أملك شيئًا آخر”. هذه المأساة باتت يومية في غزة، حيث أصبح الطعام ترفًا والماء النظيف حلمًا بعيدًا.

أرقام تفوق الخيال

منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، وحتى اليوم، ارتفعت حصيلة الشهداء في غزة إلى 59,821، فيما تجاوز عدد الجرحى 144,851، بحسب وزارة الصحة. ومنذ منتصف مارس 2025 فقط، سقط أكثر من 8,657 شهيدًا، وأصيب 32,810 آخرين، في تصعيد غير مسبوق.

العالم يرى… ولا يتحرك

قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن ما يحدث في غزة “تجريد كامل من الكرامة”، مشيرة إلى أن كل دقيقة تمر دون وقف لإطلاق النار تعني مزيدًا من الأرواح المزهقة. أما منظمة العفو الدولية، فأكدت أن “إسرائيل” تمارس حملة تجويع جماعي ترقى إلى الإبادة، وسط عجز دولي عن وقفها.

الأمين العام للأمم المتحدة وصف ما يجري بأنه “أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي”، كاشفًا أن حتى موظفي المنظمة في غزة “يتضورون جوعًا”.

الأونروا: كارثة متفاقمة

صرّحت المفوض العام لوكالة “الأونروا” بأن واحدًا من كل خمسة أطفال في غزة يعاني من سوء التغذية، مؤكدة أن آلاف الأطفال معرضون لخطر الموت إذا لم يحصلوا على العلاج الفوري. وأشارت إلى وجود أكثر من 6,000 شاحنة مساعدات محتجزة في الأردن ومصر بانتظار السماح الإسرائيلي بالدخول.

ضحايا بصمت.. لا تُسجل أسماؤهم

أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بوفاة 1,200 مسن نتيجة الجوع، مؤكداً أن آلافًا آخرين مهددون بالموت بسبب الحصار واستحالة الحصول على الرعاية الصحية. وأوضح أن كثيرًا من حالات الوفاة لا تُسجَّل ضمن ضحايا المجاعة، بل تُعتبر “وفيات طبيعية”، لغياب آليات دقيقة للتوثيق.

شهادة أمريكية تفضح الوحشية

في شهادة نادرة، كشف ضابط أمريكي متقاعد عن مشاهداته لجرائم حرب إسرائيلية خلال عمله في مشروع لتوزيع المساعدات. وقال الضابط، أنتوني أغيلار، إنه رأى القوات الإسرائيلية تطلق النار على مدنيين جائعين في نقاط توزيع الغذاء، واصفًا ما شاهده بـ”الوحشية غير المبررة”.

غزة… مدينة تحتضر

الموت في غزة لم يعد يأتي فقط بالقنابل، بل بالجوع، بالعطش، بغياب الدواء. في مستشفى متهالك، تفقد طبيبة قدرتها على إنقاذ طفلة لانقطاع الكهرباء، وتكتفي باحتضانها حتى تفارق الحياة. في طوابير الخبز، لا أصوات سوى أنين المعدة، ولا وجوه سوى شحوب الأطفال.

هل يسمع العالم صرخات غزة؟
“لا نريد شيئًا سوى الحياة”، تقول أمّ شهيد، وهي تضم صورة طفلها الوحيد الذي رحل دون أن يُكمل عامه الثالث.