صنعاء تهدم الوهْم الأمني وتزلزل الصرح الهش

البيضاء نت | مقالات 

 

 

بقلم/ عدنان ناصر الشامي

 

العدوّ الصهيوني شن غارات على صنعاء مستهدفًا البنية التحتية الحيوية، بما فيها محطة الكهرباء ومحطة النفط، في محاولة يائسة لإعادة ترميم هيبته المفقودة أمام صواريخ اليمنيين.

القصف لم يكن مُجَـرّد عملية عسكرية، بل مادة إعلامية يحاولُ من خلالها تهدئةَ رعب مستوطنيه وادِّعاء تحقيق نصر وهمي.

لكنه واهم، لن يستطيعَ أبدًا انتزاعَ الرعب من قلوب مستوطنيه، وهم يعلمون جيِّدًا أن قياداتهم عاجزة عن إسكاتِ صواريخ اليمن، وأن منظوماتهم الدفاعية لم تعد توفر الحماية، بل أصبحت مسخرة. حكوماتهم لن تمنحهم يومًا واحدًا من الأمان، وصافرات الإنذار لم تعد مُجَـرّد أصوات رعب عابرة، بل إعلان دائم لانعدام الأمن، وشهادة صريحة على عجز الكيان عن حماية مستوطنيه.

المشهدُ الداخليُّ يكشف عن انهيار شامل: الانقسامات داخل الحكومة والجيش لم تعد سِرًّا، بل أصبحت على السطح.

كبار الضباط يوجّهون انتقاداتٍ مباشرةً للقيادة السياسية، وكل طرف يحمّلُ الآخرَ مسؤوليةَ الفشل.

الدخول في حرب لا نهايةَ لها يكلِّفُ الكيانَ خسائرَ متتالية، بينما يزدادُ ارتباكَ المؤسّسة العسكرية والسياسية ويضعف الردع بشكل ملموس.

المستوطنون يعيشون حالةَ خوف ويأس متصاعد؛ الملاجئ امتلأت، الأمن مفقود، والحياة اليومية متوقفة تحت وطأة الرعب المُستمرّ.

الاقتصاد منهار، الحياة التعليمية شُلّت، والمستثمرون والسياح يهربون بسرعة؛ ما يكشف هشاشة الكيان ويفضح فشل كُـلّ خطط القيادة الإجرامية في إدارة الأزمة.

صنعاء تدير حربًا نفسية ممنهجة تهدم كُـلّ أعمدة الأمان، وتجعل الحياة اليومية للمستوطنين مليئة بالرعب المُستمرّ. وعندما يعصف الرعب الدائم بقلب الكيان، يرى المستوطن أنه لا أمان له في فلسطين، ويلجأ إلى الهروب خارجها.

هذه الحرب النفسية أشد تأثيرًا من أية ضربات عسكرية، وأقسى من أية خسائر مادية.

كل ما يمتلكه العدوّ من أنظمة دفاعية، أقمار صناعية، تقنيات عسكرية، وكل السياسات التي يفرضها على النظم المطبّعة، وكل جرائمه الوحشية بحق غزة وفلسطين، وكل مخطّطاته العدوانية على الدول العربية، لا تهدف سوى لحماية مستوطنيه والحفاظ على احتلاله.

لكن صنعاء هزّت هذه الأوهام، وحوّلت قوته المادية إلى نقطة ضعف قاتلة.

الرعب النفسي الذي تفرضه صنعاء أقوى من أي سلاح، والهزيمة النفسية التي أصابت الكيان هي الضربة الأقسى، تهز داخله وتفتح الطريق لنهاية محتومة لا مفر منها.

ومع انعدام الأمن، يفقد الكيان مؤهلات البقاء؛ المستوطنون والمستثمرون يفرون، وهناك تراجع حاد وهبوط كبير في الاقتصاد، وهناك تقارير معلَنةٌ لا يستطيعُ العدوُّ إخفائها، والحكومة الصهيونية عاجزة ومشلولة.

وَمع كُـلّ ذلك يعود العدوّ بحماقته ليقصف اليمن متوهمًا أنه يضعفها أَو يقلل من مساندتها لغزة العزة، لكنه يجهل أن كُـلّ عدوان يزيد قوة الردع اليمنية ويصب الزيت على نار الرعب في داخله.

فلتعلموا أيها الصهاينة أن صنعاء لن ترفعَ يدها عن عنق كيانكم حتى النهاية، وكلما تصعّدون بإجرامكم على غزة وعدوانكم على اليمن، تقرّبون من نهايتكم، وتوقعون وثيقة زوالكم.

إن ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين.

وعد الله آتٍ لا محالة.