وزارة الشؤون الاجتماعية.. رقابة وطنية لحماية السيادة من اختراق المنظمات

البيضاء نت | تقرير يحيى جابر

 

تضطلع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بدور مهم في حماية مصالح الوطن على الصعيد الأمني، من خلال تنظيم عمل منظمات المجتمع المدني في إطار الاتفاقات الموقعة، والرقابة على تنفيذها وضمان تركيزها على جلب المساعدات من الداعمين وتوزيعها على الفئات المحتاجة، بما في ذلك الفقراء وذوي الإعاقة، ومنع أي نشاط يخدم أجندات الممولين من الدول الاستعمارية.

 

فقد تمكنت قيادة الوزارة، عبر فريق مختار بعناية من كوادرها وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، من فتح قنوات تواصل واضحة وإنسانية مع ممثلي المنظمات الخارجية، سواء من اليمنيين أو غير اليمنيين، بما أسهم في إلزام تلك المنظمات بتنفيذ الاتفاقات المتعلقة بدعم اليمن في ظل استمرار العدوان، وحدوث الكوارث الطبيعية.

 

وكان للشهيد المجاهد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل سمير باجعالة، دوراً بارزاً في إدارة هذا الملف، لما امتلكه من مهارات استثنائية في إدارة الأزمات، وأسلوب رفيع في التعامل، وحرص على بقاء العاملين في وظائفهم دون المساس بمصدر رزقهم، وقد عمل على توجيه المنظمات نحو تنفيذ مشاريعها المعلنة بما يخدم اليمن اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، والابتعاد عن الأنشطة التي تمس سيادة البلاد أو مصالحها الوطنية.

 

وحسب تقارير الوزارة، حققت بعض المشاريع المدعومة من المنظمات نتائج إيجابية، في مجالات الإغاثة للنازحين وتقديم المساعدات للمتضررين من الكوارث، ودعم برامج الصحة النفسية والتأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة والمشردين، وكان أبرزها توزيع مساعدات لنحو 1.5 مليون أسرة من برامج الضمان الاجتماعي والمساعدات النقدية، بمبلغ إجمالي 66 مليار ريال، وحشد موارد بقيمة تجاوزت خمسة مليارات ريال لمواجهة آثار الكوارث الطبيعية.

 

إلا أن هذه المشاريع شهدت تراجعًا ملحوظًا مؤخرًا، بعد تصاعد الموقف اليمني الشجاع والإيماني الداعم لغزة، حيث تم تقليص التمويل وتحويله إلى المناطق الخاضعة للاحتلال، ما يعكس انحيازًا سياسيًا من بعض الدول الممولة، يتنافى مع المبادئ الإنسانية المعلنة.

ورغم التحديات، واصلت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إدارة هذا الملف وفقًا للقانون، مع الاستمرار في الاستفادة من خدمات المنظمات بما يخدم المصلحة الوطنية، والالتزام بتوجيهات قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بعدم السماح بأي تجاوز يضر بالبلاد.

 

وتشير تقارير إلى أن بعض الدول الغربية والعربية، وعلى رأسها أمريكا، بريطانيا، فرنسا، السعودية والإمارات، تستخدم منظمات المجتمع المدني كغطاء لأهداف استخباراتية، من خلال تمويل الجمعيات والمبادرات والنقابات والهيئات التطوعية، تحت لافتات إنسانية وحقوقية وبيئية، في إطار استراتيجيات تهدف إلى إعادة تشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي، خصوصًا في المناطق الخاضعة لهيمنتها.

 

ورغم وجود اتفاقيات شراكة رسمية بين الأمم المتحدة ومنظمات محلية في اليمن، مثل اتفاقية “النهج التنموي ـ الإنساني”، التي تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد وتمكين الفئات المهمّشة، إلا أن بعض برامج الدعم تحمل أهدافاً غير معلنة، من بينها توسيع النفوذ السياسي والتأثير على توجهات المجتمع، وتعزيز الولاء لأطراف خارجية.

 

ووقفت الوزارة بقوة وبحذر أمام مشاريع المنظمات التي تستخدم التمويل الأجنبي لدفع أجندات ثقافية واجتماعية (مثل حقوق المرأة، المشاركة الشبابية، الحوكمة)، التي تُعد مثار جدل في مجتمعات محافظة كاليمن، وقد تُوظف سياسيًا لفرض قيم لا تتماشى مع الهوية المجتمعية والدينية.

 

كما تُستخدم المساعدات، أحيانًا، كأداة ضغط سياسي، أو وسيلة لإثارة النزاعات الداخلية، أو لخلق ولاءات مناطقية وقبلية، وتقليص دور الدولة، ما يجعل هذه البرامج ذات أبعاد أمنية تتجاوز أغراضها الإنسانية المعلنة.

 

وحين يتم كشف هذه الأدوار، تتهم بعض الأطراف الدولية الحكومات الوطنية، كما يحدث الآن مع صنعاء، بأنها تستخدم أجهزتها الأمنية لقمع حرية العمل المدني، إلا أن من المهم التمييز بين التنظيم والرقابة القانونية الضرورية، وبين التحكم السياسي أو الأمني المفرط الذي قد يهدد استقلالية المجتمع المدني.

 

ويؤكد خبراء أن وجود وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كجهة إشراف وطنية فاعلة، أمر بالغ الأهمية في ظل ظروف العدوان والمعاناة الإنسانية، حيث قد تتحول المنظمات المدنية من أدوات للخدمة إلى أدوات للتأثير والاختراق، ما يستدعي يقظة دائمة ورقابة صارمة لحماية السيادة الوطنية.