فرسانُ الوعي في زمن المعركة: الإعلامُ جبهةٌ لا تقلُّ شرفًا عن ساحات المواجهة

البيضاء نت | مقالات 

بقلم / جميل المقرمي 

 

في زمن تتعدد فيه أدوات الصراع، لم يعد الإعلام مُجَـرّد ناقل للحدث، بل تحوّل إلى سلاح استراتيجي فاعل، وخط دفاع متقدم عن الهُوية والقرار المستقل.

فالكلمة اليوم قد تسبق الرصاصة، وقد تحمي شعبًا بأكمله من السقوط في فخاخ التضليل والحرب الناعمة.

 

الاستبصار المبكر: من الشهيد القائد إلى السيد القائد

لقد أشار الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) مبكرًا في محاضراته -لاسيما في “يوم القدس العالمي”- إلى خطورة الصراع الإعلامي، كاشفًا حالة التخلف التي تعيشها الأُمَّــة في هذا الميدان.

لقد حذر من أن العدوّ الصهيوني لم يحقّق هيمنته عسكريًّا فحسب، بل فرض سيطرته الثقافية والإعلامية، محوّلًا جزءًا كَبيرًا من الإعلام العربي (بأمواله ولغته) إلى أدَاة تخدم المشروع الصهيوني.

وعلى ذات النهج، وضع السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) الإعلامَ في صدارة أولويات المواجهة، مشيدًا بفرسان الإعلام الذين حملوا الكاميرا والقلم بروح المجاهد لا بوظيفة الموظف.

هذه الإشادة ليست مجاملة عابرة، بل هي نابعة من رؤية استراتيجية لدورٍ محوري صنع الفارق في حماية الجبهة الداخلية وفضح جرائم العدوان “السعوديّ الأمريكي” ونقل الحقيقة من بين الركام والدم والدخان إلى العالم أجمع.

 

الإعلام كضرورة سيادية وأدَاة تحصين

لم يكن الإعلام الواعي يومًا ترفًا، بل هو ضرورة سيادية وأدَاة تحصين للأمم في مواجهة الغزو الثقافي وحملات الشائعات.

إن “فرسان الإعلام” الذين لم تمنعهم الغارات ولا الحصار من أداء واجبهم، هم النموذج للإعلام الملتزم الذي لا يساومُ على الحقيقة ولا يفرّط في الدماء، بل يجعل من تضحيات الشهداء وقودًا للوعي ومن صبر الشعب رسالة صمود وانتصار.

لقد قصف العدوّ المقرات، وأوقف بث القنوات، وحاصر الكلمة، لكنه فشل في كسر إرادَة الإعلاميين الذين كسروا احتكار الصورة والرواية، وكانوا صوت الشعب حين حاول العالم إسكات صوته.

 

مسؤولية المرحلة: من التغطية إلى التأثير

اليوم، ومع تصاعد المعركة، تتضاعف المسؤولية؛ إذ يصبح لزامًا على الكوادر الإعلامية تطوير أدواتها وتعميق خطابها، والانتقال من “رد الفعل” إلى “الفعل”، ومن مُجَـرّد “نقل الحدث” إلى “بناء الرواية الوطنية والقرآنية الجامعة” التي تصنع التأثير وتغير موازين القوى.

 

ختامًا..

إن إشادة السيد القائد (يحفظه الله) بفرسان الإعلام هي وسام شرف يُوضع على الرؤوس، وتأكيد صريح على أن معركة الوعي لا تقل قداسة عن معركة الميدان.

إن الإعلام حين يكون صادقًا وحُرًّا وواعيًا، فإنه يصنع الانتصار ويحفظ ذاكرة الأُمَّــة، ويؤسِّسُ لمستقبل لا يُهزم فيه الشعب؛ لأن وعيه لم يُهزم أولًا.