الأمة الإسلامية ومفترق الطرق

البيضاء نت | مقالات

 

 

 

بقلم / غيداء شمسان غوبر

 

 

بينما تتوالى الأحداث وتتسارع التطورات في المنطقة والعالم، وفي قلب العاصفة التي تعصف بالوجود، حيث تتهاوى عروش الوهم، وتتكسر أصنام القوة الزائفة، وحيث تسفك الدماء بلا هوادة على أرضنا المقدسة… تقف الأمة اليوم أمام مفترق طريق تاريخي مهم وحساس، ليس مجرد خيار عابر، بل هو قدر يحدد المصير. التخاذل فيه ليس مجرد خطأ، بل هو تفريط كبير، وتدمير ممنهج لمستقبل الأجيال القادمة، التي ستلعن صمتنا وتقاعسنا.

 

التقاعس والتنصل عن المسؤولية، ليس إلا طريقًا معبدًا لجلب الشقاء لنا وللأجيال المتعاقبة. انظروا اليوم إلى حال الأمة، أليست في حالة شقاء وضعف كبيرين؟ أليست تباد أرواحها، وتهدم أوطانها، وتسلب كرامتها على مرأى ومسمع من العالم؟ ما سبب هذا الشقاء؟ وهي الأمة التي دينها الإسلام العظيم، الذي جاء ليعلي راية العزة والكرامة، وكتابها القرآن الكريم، الذي هو نور وهدى، ورسولها النبي الأمين، الذي علمها كيف تحارب الظلم وتعلي الحق.

 

ما سبب هذا الشقاء وهي التي تتربع على مفترق طرق العالم، وتملك مفاتيح الجغرافيا والتاريخ، والمصدر الأول لمصادر الطاقة التي تحرك العالم؟ هل تساءلتم ذلك يومًا؟ هل تجرأتم على مواجهة الحقيقة المرة التي تعلن أن الداء فينا، لا في أعدائنا؟

 

إن هذا الشقاء ليس قدرًا محتومًا، بل هو نتيجة لخيارات خاطئة، لابتعاد عن جوهر الرسالة، لتخاذل عن نصرة الحق، لصمت مطبق أمام الظلم. لقد غرقنا في سبات المصالح الضيقة، وتناسينا أن قوتنا في وحدتنا، وفي تمسكنا بديننا، وفي نصرة مظلومنا.

 

لقد أصبحنا أمة تباد، لا لضعف في دينها، بل لضعف في إرادتها، ولغياب بوصلة الحق من قلوب كثير من أبنائها. هذا المفترق ليس للتأمل فحسب، بل هو لاتخاذ القرار. إما أن نختار طريق العزة، طريق المواجهة الشاملة لكل أشكال الظلم، طريق التضحية التي تعلي راية الحق، لتحطم قيود الذل، وتبدد ظلام الهزيمة، وتشرق شمس النصر على أمة استعادت كرامتها.

 

أو أن نختار طريق الخذلان، طريق الصمت المريب، طريق الاستسلام لوهم السلام الزائف، لنغرق في مستنقع الذل، ونصبح مجرد أرقام في سجلات التاريخ، تباد أرواحها، وتهدم أوطانها، وتسلب كرامتها، لتصبح أمة بلا وجود.

 

فليكن هذا المفترق نقطة تحول حقيقية. لنتعاهد على أن نكون أمة واحدة، تعلي راية الحق، وتحارب الظلم، وتقدم التضحيات لاجل كرامتها ومستقبل أجيالها. فالله قوي عزيز، ولن يخذل من نصره. النصر قادم لمن اختار أن يكون هو، لا أن يلغى وجوده.