قوة الردع الصاروخية.. أبعد من التوقعات وأدق من الحسابات:

في محاولة يائسة أخرى لشلّ قدرة الرد الإيرانية، كثّف العدو الإسرائيلي، بدعم استخباراتي أمريكي، غاراته على ما اعتقد أنها مخازن الصواريخ ومنصات الإطلاق، لكن الرد الإيراني جاء ليفضح هشاشة هذه التقديرات، مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الانقضاضية التي أُطلقت ضمن عمليات “الوعد الصادق 3” لم تضرب أهدافها بدقة متناهية فحسب، بل كشفت عن ترسانة متنوعة ومتطورة، بما فيها صواريخ فرط صوتية، أثبتت أنها عصيّة على منظومات الدفاع الجوي التي طالما تباهى بها العدو.

 

استمرت عمليات الإطلاق القوية والممنهجة حتى الدقيقة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، كانت الرسالة أكثر من واضحة ومفادها أن محاولة تحييد القوة الصاروخية الإيرانية قد باءت بفشل ذريع، وهي واعدة وما لم تكشفه إيران أكثر من مما استخدمته في التصدي للعدوان.

 

ركائز انتصار إيران:

عملت طهران على استراتيجية متكاملة الأركان، جمعت بين القوة العسكرية والدهاء السياسي والصمود الشعبي، بداً من استراتيجية الردع المتصاعد واعتمدت القيادة الإيرانية نهجاً تصاعدياً ذكياً، بدأت بردود محدودة ذات طابع تحذيري، ثم انتقلت إلى ضربات موجعة ومباشرة شلّت الحركة في مدن كبرى مثل “تل أبيب” و”بئر السبع”، وأربكت منظومة العدو الدفاعية والقيادية. هذه الحرب النفسية-العسكرية وضعت صانع القرار في داخل الكيان أمام خيارات مستحيلة، وأجبرته على التراجع.

 

ضربة “العديد”.. الرسالة التي كسرت القواعد

شكل استهداف قاعدة “العديد” الجوية الأمريكية في قطر، أكبر القواعد الأمريكية في المنطقة، نقطة تحول حاسمة، ومثّلت الضربة رسالة بالغة الوضوح لواشنطن بأن لا خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي الإيراني، وأن أي تدخل مباشر سيُقابل برد مباشر على القوات الأمريكية نفسها، فالضربة المدروسة أحدثت صدمة في دوائر صنع القرار الغربية وعجّلت بالبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه، والأهم أنها قدمت رسالة أكثر وضوح للدول العربية المستضيفة للقواعد الأمريكية بأنها ستدفع ثمناً من أمنها القومي بما يحوّل القواعد من حمايات إلى ثغرات ونقاط حساسة تضع أمنها على صفيح ساخن في أي مواجهة قادمة.

الكلمة والطلقة الأخيرة.. إيرانية

دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ صباح الثلاثاء، الطرف الذي أطلق الطلقة الأخيرة، وضرب الموجة القاصمة سياسياً وعسكرياً، كان إيران، خرجت الجمهورية الإسلامية من هذه المواجهة وهي أقوى وأكثر ثقة، فارضةً قواعد اشتباك جديدة ومعادلة واعدة توضع ثمارها في ميزان مشروع المقاومة في وجه مشروع الصهاينة التوسعي الخبيث.

 

المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علّق على هذا التطور بالقول: إن إيران “حققت نصراً استراتيجياً وأجبرت الأعداء على طلب وقف إطلاق النار”.

 

الاعتراف بالهزيمة جاء من معسكر العدو نفسه؛ فقد عنونت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية بأن “إيران خرجت من الحرب أقوى” أما وزير الأمن الإسرائيلي السابق في كيان العدو، أفيغدور ليبرمان، فلخّص المشهد بكلمات توجز الخيبة لدى ملايين المغتصبين الصهاينة : “خاتمة الحرب على إيران نشاز، ومُرّة على إسرائيل”.

 

اليوم، تقف إيران على أرض صلبة، سياسياً وعسكرياً، وتذهب إلى أي مفاوضات مستقبلية من موقع القوة والندية، بعد أن أثبتت للعالم الذي خذلها أن أمنها وسيادتها خط أحمر، وأن صمودها لم يكن مجرد إنجاز وطني، بل هو انتصار للأمة جمعاء وفي مقدمتها فلسطين، في مواجهة مشاريع الهيمنة والاستكبار العالمي، وهو انتصار سترتسم على ضوئه ملامح الانتصار الكبير على طريق معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.