الإساءة للقرآن الكريم.. بين حرية التعبير وخطاب الكراهية
البيضاء نت | مقالات
بقلم / عبدالله علي هاشم الذارحي
تُعد الإساءة إلى المقدسات الدينية، وعلى رأسها القرآن الكريم، سلوكًا مرفوضًا أخلاقيًّا وإنسانيًّا؛ لما تحمله من استفزاز لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم.. وعقب بيان سيد القول والفعل، نظّم الشعب اليمني فعاليات عدة لإدانة التصريحات والتصرفات الصادرة عن المرشح الأمريكي، التي تضمنت إساءة صريحة وضمنية للقرآن الكريم؛ مما أثار موجة واسعة من الاستنكار والغضب لدى أبناء الشعب اليمني.
ولأن القرآن الكريم ليس مُجَـرّد كتاب ديني فحسب، بل هو رمز لهُوية حضارية وثقافية وروحية؛ كان لزامًا على الأوساط الإسلامية، وكل من يؤمن بقيم الاحترام والتعايش، أن يتحَرّكوا صفًا واحدًا؛ فالإساءة إليه تُعد إساءة مباشرة للأُمَّـة، ومحاولة لتكريس خطاب الكراهية والتصنيف العدائي على أَسَاس ديني.
إن مثل هذه التصرفات، عندما تصدر عن شخصية سياسية تسعى للوصول إلى سدة القرار، تكشف عن نزعة شعبوية تستثمر في إثارة المخاوف والتحريض، بدلًا عن بناء خطاب سياسي مسؤول يقوم على القيم الإنسانية المشتركة.
ومن العجب أن تُبرّر هذه الإساءَات بذريعة “حرية التعبير”، وهي حجّـة واهية تُستخدم من قِبل الصهاينة ومن يدور في فلكهم لأغراض عدائية تستهدف الأُمَّــة الإسلامية.
وفي حين أن المواثيق الدولية والقيم الإنسانية تفرق بوضوح بين حرية الرأي وبين التحريض على الكراهية أَو ازدراء الأديان؛ فَــإنَّ حرية التعبير لا تعني إطلاق العنان للإهانات التي تمس السلم الاجتماعي، ولا تبرير الإساءة لمعتقدات الآخرين تحت أي غطاء قانوني أَو سياسي.
هذه التصرفات المسيئة تكشفُ الوجه الأقبح لأمريك، وحوَّلتها من دولة تدّعي الدفاعَ عن التعددية وحقوق الإنسان إلى طرف يعمّق الفجوة بين الغرب والعالم الإسلامي، ويمنح الجماعات المتطرفة مبرّرات إضافيةلتغذية خطاب الصدام والكراهية المتبادلة.
والأخطر من ذلك، أنها تُسهم في تشويه صورة المسلمين داخل المجتمعات الغربية، وتعزز مناخ “الإسلاموفوبيا” والتمييز العنصري.
الرد على هكذا إساءَات ينبغي أن يكون قويًّا وواعيًا وحكيمًا، قائمًا على التمسك بالقيم الأخلاقية؛ فالدفاع عن القرآن الكريم والمقدسات الإسلامية صار واجبًا دينيًّا لا هوادة فيه.
كما تقع على عاتق المؤسّسات الدولية والنخب السياسية والإعلامية مسؤولية واضحة في إدانة هذه التصرفات، ورفض التطبيع معها أيًّا كان مصدرها.
ختامًا، ستبقى الإساءةُ إلى القرآنِ الكريم قضية كبرى وليست شأنًا دينيًّا ضيقًا، بل هي اختبار حقيقي لمدى التزام الساسة بالقيم الإنسانية الجامعة واحترام التنوع.
فالعالم اليوم أحوجُ ما يكون إلى خطاب يعزز الاحترام المتبادل، لا إلى ممارسات تؤجج الانقسام وتغذي الصراع بين الشعوب.